من مظاهر البهرجة والابتذال في الاعلام
منذ ١٥ سنة كانت الصحافة في فرنسا قد تحدثت عن قط على هيئة "فهد" وقالت انه افزع سكان مدينة مارسيليا.
واليوم تناقلت السوشل ميديا
صورة لكلب في هيئة اسدوقالت انه ظهر في ناحية مورسيا باسبانيا.
وعلى الشبكة الأمريكية تويتر، تناقل الاسبان الخبر وحولوه الى
أضحوكة، كما أن رسالة الشرطة المحلية حصلت على نجاح لايصدق اد فاقت التغريدات ٢٥٠٠ تغريدة ونالت مايقارب ٧٠٠٠ إعجاب.
*ان هذه المهزلة الاعلامية تذكرنا أيضا بما حصل في القرن ٩ الميلادي عندما ذكر الجاحظ في كتاب "الحيوان" ماكان يتداول الناس آنذاك من قصة الثعبان الذي يلد وعن نوع من الوعول، قيل ان أنثاه تلد مع كل ولد تضعه أفعى. وقد كان الجاحظ قد قابل هذه الأخبار بالشك فيها عندما قال:
"لم اكتب هذا لتقر به، ولكنه رواية أحببت أن تسمعها. ولا يعجبني الإقرار بهذا الخبر، وكذلك لا يعجبني الإنكار له، ولكن
ليكن قلبك إلى انكاره أميل، وبعد هذا فاعرف مواضع الشك وحالاتها الموجبة له، لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة له وتعلم الشك في المشكوك تعلما، فلو لم يكن في ذلك ألا تعرف التوقف والتثبت لقد كان ذلك مما يحتاج اليه. ثم اعلم ان الشك في طبقات عندهم جميعهم ولم يجمعوا على أن اليقين طبقات في القوة والضعف.
ولما قال أبو الجهم للمكي:انا لا أكاد أشك، قال المكي وأنا لا أكاد اوقن، ففخر عليه المكي بالشك في مواضع الشك، كما فخر عليه ابن الجهم باليقين في مواضع اليقين. (الجاحظ كتاب الحيوان ج٦ ص١٠)
*والحاصل من كل ما سبق أن الإعلام بصفة عامة وفي سبيل تحقيقه لمنافع مادية لا يتوانى في اغراق جمهوره بالخرافات والترهات والتفاصيل المقرفة والمبتذلة وهي أمور قد يزكيها وحتى يمولها أصحاب منافع أخرى تجارية او سياسية. لذلك وجب على المتلقي التنبيه وان يستعمل اقدس شيء لذيه وهو العقل. كما يستعمل اسلوب الشك الذي دعا اليه الجاحظ ٨ قرون قبل الفرنسي ديكارت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق